أسباب زيادة الوزن المفاجئة

تُعد زيادة الوزن المفاجئة من الظواهر الصحية التي قد تثير القلق عند العديد من الأشخاص، حيث يلاحظ البعض تغيّراً سريعاً في وزنهم خلال فترة زمنية قصيرة دون تغيير واضح في نظامهم الغذائي أو مستوى نشاطهم البدني. تختلف الأسباب التي قد تؤدي إلى هذا النوع من الزيادة، وتشمل مجموعة من العوامل الجسدية، النفسية، الهرمونية، والدوائية التي تتداخل مع العمليات الحيوية في الجسم. تتطلب هذه الظاهرة فهماً دقيقاً للعوامل المؤثرة عليها لتحديد السبب الحقيقي واتخاذ الإجراءات المناسبة.

احتباس السوائل في الجسم

احتباس السوائل يُعتبر من الأسباب الشائعة لزيادة الوزن المفاجئة. يحدث احتباس السوائل نتيجة خلل في توازن الأملاح والماء في الجسم، مما يؤدي إلى تراكم السوائل في الأنسجة بدلاً من تصريفها بشكل طبيعي. من أبرز العوامل التي تؤدي إلى احتباس السوائل: تناول كميات مفرطة من الصوديوم (الملح)، وأمراض الكلى، وأمراض القلب، وأمراض الكبد مثل تليف الكبد. في هذه الحالات، يمكن أن يزداد الوزن خلال أيام أو حتى ساعات بشكل ملحوظ.

تأثير الهرمونات على احتباس السوائل

تلعب الهرمونات دوراً محورياً في التحكم بتوزيع السوائل في الجسم. على سبيل المثال، التغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء الدورة الشهرية عند النساء قد تسبب احتباس السوائل وزيادة مؤقتة في الوزن. كذلك، الهرمونات مثل الكورتيزول والألدوستيرون تؤثر على قدرة الجسم على الاحتفاظ بالماء والصوديوم مما يساهم في اكتساب الوزن بسرعة.

قصور الغدة الدرقية

الغدة الدرقية مسؤولة عن تنظيم معدل الأيض في الجسم، وأي خلل في وظيفتها قد يؤدي إلى بطء عملية التمثيل الغذائي، وبالتالي زيادة الوزن دون مبرر واضح. قصور الغدة الدرقية يسبب انخفاضاً في إنتاج هرمونات الغدة الدرقية مثل الثيروكسين، مما يبطئ من عمليات حرق السعرات الحرارية ويزيد من قابلية الجسم لتخزين الدهون والسوائل. يصاحب قصور الغدة الدرقية أعراض إضافية مثل التعب المزمن، جفاف الجلد، انخفاض درجة حرارة الجسم، وتساقط الشعر.

التغيرات الهرمونية لدى النساء

التغيرات الهرمونية التي تصاحب مراحل معينة في حياة المرأة مثل الحمل، انقطاع الطمث، أو استخدام موانع الحمل الهرمونية قد تسبب زيادة الوزن السريعة. خلال فترة الحمل، تحدث تغيرات فسيولوجية هائلة تشمل زيادة حجم الدم، نمو الجنين، وزيادة كمية السائل الأمنيوسي، مما يؤدي إلى زيادة تدريجية في الوزن يمكن أن تصبح مفاجئة في مراحل معينة من الحمل.

أما انقطاع الطمث فيؤدي إلى انخفاض مستويات هرمون الإستروجين، مما يتسبب في إعادة توزيع الدهون في الجسم وزيادة الوزن، خاصة في منطقة البطن.

الآثار الجانبية للأدوية

تناول بعض الأدوية قد يتسبب في زيادة الوزن بشكل ملحوظ كأثر جانبي. من بين هذه الأدوية:

• مضادات الاكتئاب: مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) التي تؤثر على الشهية ومعدل الأيض.

• مضادات الذهان: التي ترتبط بزيادة الشهية وتغيرات في التمثيل الغذائي.

• أدوية الكورتيزون: التي تسبب احتباس السوائل وزيادة تخزين الدهون.

• بعض أدوية السكري: مثل الأنسولين وبعض محفزات إفراز الأنسولين.

الزيادة المرتبطة بهذه الأدوية قد تكون سريعة ويصعب التحكم بها دون إشراف طبي.

الإجهاد المزمن وزيادة الكورتيزول

الإجهاد النفسي المزمن يؤدي إلى زيادة مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم، وهو هرمون مسؤول عن تنظيم عمليات الطاقة والمناعة. عند ارتفاع الكورتيزول لفترات طويلة، يُحفّز الجسم على تخزين الدهون خاصة في منطقة البطن، كما يزيد من الشهية، ما قد يؤدي إلى تناول كميات أكبر من الطعام وزيادة الوزن بصورة مفاجئة.

اضطرابات النوم

قلة النوم أو اضطراب جودته تؤدي إلى اختلالات هرمونية تؤثر بشكل مباشر على الشهية وعملية التمثيل الغذائي. انخفاض النوم يرتبط بزيادة هرمون الجريلين (المسؤول عن الشعور بالجوع) وانخفاض هرمون اللبتين (المسؤول عن الإحساس بالشبع). هذا الخلل قد يدفع الشخص إلى تناول كميات أكبر من الطعام، خصوصاً الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية، مما يؤدي إلى زيادة الوزن المفاجئة.

الإصابة بمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS)

تُعد هذه المتلازمة من الاضطرابات الهرمونية الشائعة لدى النساء في سن الإنجاب، وهي تؤثر على انتظام الدورة الشهرية وقد تؤدي إلى مقاومة الإنسولين وزيادة الوزن السريعة. النساء المصابات بمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات يجدن صعوبة في فقدان الوزن، حتى مع اتباع أنظمة غذائية صارمة، بسبب الخلل الهرموني وتأثيره على الأيض.

قلة النشاط البدني بعد إصابة أو جراحة

في بعض الأحيان، تتسبب الإصابات أو العمليات الجراحية في تقليل مستوى النشاط البدني لفترات طويلة، ما يؤدي إلى تباطؤ الأيض وتراكم الدهون. عندما يعتاد الجسم على مستوى نشاط عالٍ ثم ينخفض فجأة، تكون الاستجابة على شكل زيادة سريعة في الوزن، خاصة إذا لم يتم تعديل كمية السعرات الحرارية المستهلكة.

اضطرابات الأكل

من العوامل النفسية التي تؤدي إلى زيادة الوزن المفاجئة اضطرابات الأكل مثل تناول الطعام العاطفي أو الإفراط القهري في تناول الطعام (Binge Eating Disorder). هذه الحالة قد تدفع الشخص إلى تناول كميات كبيرة من الطعام في فترة قصيرة جداً، مما يؤدي إلى زيادة مفاجئة في الوزن، خاصة إذا تكرر السلوك بشكل منتظم.

أمراض القلب والكبد والكلى

تؤثر هذه الأمراض بشكل مباشر على قدرة الجسم على إدارة السوائل وتوزيعها، حيث تسبب أمراض القلب قصوراً في ضخ الدم مما يؤدي إلى تراكم السوائل في الأطراف والبطن، بينما يسبب فشل الكلى تراكم الماء والفضلات في الجسم. كذلك فإن تليف الكبد يؤدي إلى احتباس السوائل وظهور انتفاخ في البطن والساقين.

مقارنة تأثير أمراض الأعضاء الحيوية على الوزن المفاجئ

اضطرابات الجهاز الهضمي

بعض اضطرابات الجهاز الهضمي مثل الإمساك المزمن قد تؤدي إلى زيادة وزن ظاهرية نتيجة تراكم الفضلات والسوائل داخل الجسم. بالإضافة إلى ذلك، بعض حالات عدم تحمل الطعام مثل عدم تحمل اللاكتوز قد تسبب انتفاخات واحتباس غازات، ما يعطي انطباعاً بزيادة مفاجئة في الوزن.

التغيرات الموسمية

هناك علاقة بين الفصول وزيادة الوزن، حيث يُلاحظ لدى البعض زيادة طفيفة إلى معتدلة في الوزن خلال فصل الشتاء. هذا الأمر يعود إلى انخفاض مستوى النشاط البدني بسبب برودة الطقس، بالإضافة إلى زيادة استهلاك الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية. كذلك تلعب قلة التعرض لأشعة الشمس دوراً في تقليل مستويات فيتامين “د”، مما يؤثر على الحالة النفسية ويزيد من احتمالية الإفراط في تناول الطعام.

العوامل الوراثية

العوامل الجينية قد تساهم بشكل غير مباشر في الاستعداد لزيادة الوزن السريعة، حيث يُظهر بعض الأشخاص قابلية أعلى لتخزين الدهون أو بطء في حرق السعرات الحرارية بسبب جينات محددة تؤثر على عملية الأيض والشهية.

الحمل الكاذب

الحمل الكاذب هو حالة نفسية نادرة تعاني فيها المرأة من أعراض مشابهة للحمل الحقيقي مثل انقطاع الدورة الشهرية، انتفاخ البطن، وزيادة الوزن، دون وجود جنين. يُعتقد أن هذه الحالة مرتبطة بعوامل نفسية وهرمونية معقدة تؤثر على مراكز التحكم بالجسم.

مقاومة الإنسولين

مقاومة الإنسولين هي حالة يفقد فيها الجسم قدرته على استخدام الإنسولين بشكل فعال، ما يؤدي إلى تراكم السكر في الدم وزيادة إفراز الإنسولين لتعويض هذا الخلل. ارتفاع مستويات الإنسولين يحفز الجسم على تخزين الدهون، خاصة في منطقة البطن، مما يساهم في زيادة الوزن المفاجئة. هذه الحالة تُعد من المؤشرات الأولية للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

خلل في توازن البكتيريا المعوية

تشير دراسات حديثة إلى أن البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء تلعب دوراً رئيسياً في تنظيم عملية الهضم والتمثيل الغذائي. عندما يحدث خلل في توازن هذه البكتيريا، يمكن أن يتسبب ذلك في اضطرابات تؤدي إلى زيادة الوزن السريعة، بسبب التأثير المباشر على امتصاص العناصر الغذائية وتحفيز الشهية.

الخلاصة

تتنوع أسباب زيادة الوزن المفاجئة بين أسباب فسيولوجية مثل احتباس السوائل وقصور الغدة الدرقية، وأسباب هرمونية مثل الحمل والتغيرات الهرمونية لدى النساء، وأسباب نفسية مثل الإجهاد المزمن واضطرابات الأكل، بالإضافة إلى تأثيرات الأدوية والأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والكلى. يتطلب التعامل مع هذه الظاهرة تحليلاً دقيقاً للعوامل المحيطة، والتاريخ الطبي للمصاب، مع أهمية المتابعة الطبية لتحديد السبب الحقيقي واتخاذ التدابير العلاجية المناسبة.

المصادر

• Mayo Clinic: “Unexplained Weight Gain: Causes”

• WebMD: “Medical Reasons for Rapid Weight Gain”